الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية
النص الكامل لبحث المطران د. سرهد يوسپ جـمّو
عند قدوم رسل المسيح الى بلاد النهرين وفارس، كانت هذه البقاع تحت سيطرة الدولة الفرثية، التي عقبتها في الحكم السلالة الساسانية، وذلك من القرن الثالث الميلادي حتى عهد الفتوحات العربية. وكانت الدولة الفرثية ثم الساسانية تقسم المناطق التي تحكمها الى ممالك صغيرة، او الى اقاليم ادارية تسّميها مرزبانات. عهد ذاك كانت الزرادشتية هي الديانة الرسمية في تخوم الامبراطورية الفارسية، وكانت الآرامية، بلهجاتها المحلية، هي اللغة السائدة بين سكان بلاد النهرين وحواليها. ولأن هذه عناصر الهوية، ومنها اللغة والدين والانتماء الى دولة، كانت مشتركة بين اهل البلاد الرافدينية عموماً، اتخذ الانتساب الى اقليم او مدينة معينة معنى التمييز الشخصي والانتماء الخاص. فكان المرء فلاناً من حدياب، او من ميشان، او من قطر او من نينوى. وعلى هذا المنوال يرد ذكر الاقوام في كتاب اعمال الرسل “من فرثيين وميديين وعيلاميين وسكان ما بين النهرين… ورومانيين… وكريتيين وعرب” (اعمال 2، 9-11) فعلى الرغم من ان الجماعة الحاضرة في علية اورشليم يوم العنصرة كانت جميعها من الحجاج اليهود، الاّ أن هويتهم المدنية حددها الكتاب بالنسبة الى الاقاليم التي يسكنونها.
من الثابت في الوثائق التاريخية ان النواة الاولى للمهتدين الى المسيحية في بلاد النهرين وفارس تشكلت من الجماعة اليهودية العريقة في هذه البقاع، ثم تبع هؤلاء المؤمنين الاوائل جموع من مختلف المناطق والخلفيات. وفي كل الاحوال لم يضف الاهتداء الى المسيحية عنصراً مدنياً جديداً على عناصر الهوية المشتركة مع بقية سكان البلاد. انما تميزت جماعة المؤمنين عن بقية اهل البلاد بالانتماء الى البنية الكنسية التي شكلها الدين الجديد والارتباطات الاجتماعية والثقافية التي تبعتها. اي ان معتنقي المسيحية من اهل البلاد مكثوا على هويتهم المدنية التي تسلسلت اليهم من آبائهم سكان بلاد النهرين القدامى. وهوذا وصف لمشهد المؤمنين، يحصدهم سيف الاضطهاد الشابوري (340-379) على مسمع ومرأى من جمهور الشعب القائم حولهم، كما جاء في ترنيمة طقسية معاصرة للاحداث:
” ان ملك العُلى مع جنده، كان في عون جمع المؤمنين. فقد صدر الامر : ان يقتل الشهداء الابرار بحد السيف. بُهت الكلدان وهم وقوف، ورفعوا الاصبع، قائلين : عظيمٌ إله المؤمنين، فهو يخلصهم وإن هو لا يُرى ” (من ترانيم الشهداء المخصصة لرمش الجمعة). فانظر كيف ان المؤلف يسمّي الشعب القائم يومذاك كلداناً يرفعون اصبعهم علامة التشَهُّد ببطولة الشهداء.
وعندما توجّه الاسلام نحو بلاد النهرين وفارس، إكتسح معاقل الدولة الساسانية وتغلغل تدريجياً في ربوع البلاد شمالاً وجنوباً، حتى تأسست الدولة العباسية وتمركزت في بغداد، العاصمة الجديدة، واصبحت الثقافة العربية الاسلامية هي الثقافة الرسمية للبلاد، واضحى ما سواها ثقافات هامشية محصورة في محيطها، ومنها الثقافة الأرامية، فرضت عليها الاحوال الجديدة ان تنحسر تدريجياً الى الديورة والكنائس والربوع الخالية. اما المسيحيون، فقد جعلهم الاسلام ” اهل ذِمَّة ” ” يدفعون الجزية وهم صاغرون “. وكان تنظيمهم بحسب تقسيامتهم الدينية وما يتبعها من تفرعات طائفية، وهكذا اضحت تسمية النساطرة واليعاقبة هي التسمية الشائعة والمعبرة عن هويّة المسيحيين في دوائر الدولة العباسية، وفي ادبيات ذلك العصر، يخضعون في امور دينهم لرؤساء كنائسهم وقوانينها، وفي امور دنياهم لنظام احوال مدنية، أملته الدولة عليهم في إطار ممارسات تتراوح بين المضايقة والتسامح.
إن المفهوم القومي بالمعنى المعاصر، أي الشعور بالإنتماء إلى مجموعة معينّة يشدّها الترابط الثقافي والوجداني والجغرافي والتتابع التاريخي، قضية توضّحت تدريجياً ابتداءً من العصور الوسطى، متزامنة مع التغلغل المغولي الذي اقتحم حواجز الدولة العباسية والتنظيمات الإدارية التي انبثقت منها، حتى تبلورت الهويّة القومية بمعالم واضحة في العصور الاخيرة. وسنرى كيف ان الأسم الكلداني كان المحور والمرجع الأثبت والأرجح الذي تبلور حوله الوعي القومي عند مسيحيي بلاد الرافدين في مختلف اطوارهم. فإلى الوثائق:
شهادات السّواح الغربيين
إن شهادات السّواح مهمة جداً، وهي أهم من طروحات وفذلكات بعض المستشرقين الذين يقتنون معلوماتهم من كتب ومصادر في مقرات عملهم بدون الإحتكاك الشخصي باهل الشرق وواقعهم واحوالهم. أما السوّاح فلأنهم يكتبون ما يرون ويسمعون، لذلك هم مصدر أكثر أمانةً ومطابقة للواقع الشرقي في حقيقته. فهوذا بعضاً من شهاداتهم:
Ø ماركو بولو الذي قام برحلة مع والده وعمّه من 1271-1291، سجّل لاحقاً مذكراته في كتابه Il Millione، (طُبع برعاية روجيرو روجيري في فلورنس، 1986)، ونحن نورد منها المقطع التالي في ترجمة مباشرة عن الإيطالية : ” الموصل موقع كبير، فيها من القوم مَن يُدعون عرباً… وفيها قوم آخرون يتخذون الشريعة المسيحية ولكن ليس بحسب ما تأمره الكنيسة الرومانية… إنهم يدعون نساطرة ويعاقبة، وإن لهم بطريركاً يدعى جاثاليقاً. وهذا البطريرك يصنع اساقفة ورؤساء اساقفة ورؤساء ديورة، حتى في بلاد الهند، وفي بغداد وفي بلاد الصين… وفي جبال هذه المملكة هناك ايضاً قوم من المسيحيين يدعون نساطرة ويعاقبة… ” (ص 122).
Ø ريكولدو دي مونتي كروجيي (في مذكراته Peregrinationis Liber نُترجم مقطعاً منها مباشرة عن الاصل اللاتيني الذي كتبه المؤلف سنة 1292 وقد طُبع مؤخراً مع ترجمة فرنسية) : “عن النساطرة … ان النساطرة هم الهراطقة الذين يتبعون نسطوريوس وتيودوروس…مع ذلك فإن هؤلاء النساطرة الشرقيين هم جميعاً كلدان وبالكلدانية يقرأون ويصلون “. (صفحات 136-138). “عن قوم الاكراد..انهم مسلمون يتبعون القرآن…اظهروا انفسهم انسانيين كثيراً معنا…لقد كانوا من قبلُ كلداناً ثم اصبحوا مسيحيين وفي مرحلة ثالثة مسلمين، لان الشريعة الإسلامية هي اكثر تساهلاً “. (ص 118-120).
Ø جوفاني الراهب الدومنيكي الايطالي _ رئيس اساقفة السلطانية (في مذكراته Libellus de Notizia Orbis المسجلة باللاتينيةا في سنة 1404، طبعة انطون كيرن الآلمانية ، 1938) : ” إلى الجنوب الشرقي من فارس، هناك بلاد كلدو وهي نقطة في أقصى الشمال من مملكة الكلدان- التي تبدأ من مدينة تسمى مراغا، وهي تمتد جنوباً حتى بحر المحيط، ومدينتهم الرئيسية بغداد، التي هي في الكتاب المقدس بابلونيا وإن ليست في نفس الموقع إذ إن هذه على الفرات. في هذه المملكة سهول كثيرة وجبال قليلة ومياه شحيحة تجري في المنطقة. هناك شعب كثير من العرب والكلدان والسريان والنساطرة والارمن والكاثوليك. وقد بعثت أنا إلى هؤلاء الكاثوليك راهباُ واحداً مما أزاد عدد هؤلاء الكاثوليك! ” (ص 117-119).
فانظر كيف أن هؤلاء السوّاح، الذين يسبقون البابا اوجين الرابع بأجيال، ويسبقون بمثلها إتحاد المشارقة بروما، يتحدثون بإطلاع ووضوح عن الكلدان وعن بلاد كلدو وعن اللغة الكلدانية، ويميزون تماماً بين القومية والدين، وبين المذهب النسطوري واليعقوبي والكاثوليكي. وأنظر كيف أن التسمية الآثورية او الآشورية غائبة تماماً عن ساحة الواقع التاريخي الذي يشهدون عليه.
Ø بين المطران طيماثوس الكلداني والبابا أوجين الرابع إنه ليعتريني العجب والأسف أن ألاحظ مجموعة من إخوتنا الكتّاب المثقفين يرددون معزوفة مفادها ان البابا أوجين الرابع (1441-1447) هو الذي ” أنعم ” على النساطرة الذين اتحدوا بروما بلقب الكلدان، الامر الذي تبعه لاحقاً لقب بطريرك الكلدان، بدون أن يكّلف احدُ من هؤلاء الكتاّب نفسه بالإستفسار عن النص الأصلي ومعناه وفحواه. ومع أن النص المقصود يرتقي إلى سنه 1445، وهو متوفر في المصادر المعروفة لدى الباحثين، إلاّ انني اقّر بعجزي عن اكتشاف اي ايرادٍ او استعراضٍ لهذا النص اللاتيني، او لترجمةٍ له، في ايٍ من الكتب والمقالات التي تردد كالببغاء مقولة تقلبه رأساً على عقب. وقد يؤول ذلك إلى كونه بلغة لاتينية متينة ليس من السهل ترجمتها، ولذا فقد التزمت بترجمته ضمن مقالة كنت قد نشرتها في مجلة ” بين النهرين ” سنة 1996 (العدد 95/96 ص 181-203 بعنوان ” كنيسة المشرق بين شطريها “).
فإلى الوثيقة الفاتيكانية:
عندما أبرم المطران طيمثاوس، أسقف نساطرة قبرص، وثيقة الإتحاد مع روما سنة 1445 م ومعه مطران الموارنة فيها، كان عليه أن يستبدل لقبه النسطوري المرتبط بالمذهب الذي هجره، بلقب آخر تتبين منه هويته. فوقّع وثيقة الإتحاد هكذا : ” أنا طيمثاوس رئيس اساقفة ترشيش على الكلدان ومطران الذين هم في قبرص منهم، اصالة عن ذاتي وبإسم كافة الجموع الموجودة في قبرص، أعلن وأقر وأعِد أمام اللـه الخالد الآب والإبن والروح القدس وأمامك أيها الأب الأقدس والطوباوي البابا أوجين الرابع وأمام هذا المجمع (اللاتراني) المقدس، بأنني سأبقى دوماً تحت طاعتك وطاعة خلفائك وطاعة الكنيسة الرومانية المقدسة على أنها الأم والرأس لكافة الكنائس (عند شموئيل جميل، كتاب العلاقات، روما 1902، ص 10).
ويعلّق المرسوم البابوي الذي أصدره أوجين الرابع في 7 آب 1445 م على ذلك بقوله : ” وطيمثاوس ذاته، أمامنا في المجمع اللاتراني المسكوني وفي جلسته العامة، أعلن بإحترام وتقوى صيغة إيمانه وتعليمه أولاً بلغته الكلدانية، ثم ترجمت إلى اليونانية ومنها إلى اللاتينية “. وبناء على هذا الإعلان الوحدوي، فإن أوجين الرابع يمنع في مرسومه الآنف ذكره أن يسمّى أحد الكلدان فيما بعد نساطرة، كما يمنع في الموضوع عينه أن يسمّى الموارنة هراطقة، ومن ثمة يساوي الكلدان والموارنة بالحقوق والإمتيازات الدينية مع كافة الكاثوليك. (عند شموئيل جميل، ص 11).
واضح من النص وضوح الشمس أن البابا أوجين الرابع إنما يستشهد بما عرضه المطران طيماثوس ذاته، بقلمه ولغته، ويردد نصاً من تأليف هذا المطران كتبه وقرأه بلغته الكلدانية ومنها ترجم أولاً إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية. وعسى أصحاب المعزوفة يدّعون استطراداً أن أوجين الرابع ” أنعم ” كذلك باللغة ” الكلدانية ” على المطران طيماثوس وشعبه ما دام الحديث عنها قد ورد في وثيقته، فتكتمل بهذا الإنعام الإضافي صورة الدقّة العلمية التي يتمتع بها هؤلاء الكتاّب.
وإذا شئنا أن نفهم معنى الإنعام الوارد ذكره في النصوص المتعلقة بهذا الموضوع، فإنما المقصود به الإعفاء من ضرائب الإقامة التي كانت مفروضة على الأجانب والهراطقة الوافدين إلى قبرص، ولا دخل له إطلاقاً بإسباغ هويـّة قومية جديدة لشعب ما- وقد شمل هذا الإعفاء من الضرائب الكلدان والموارنة لأنهم تساووا مع بقية السكان، إذ اتحدوا مع الكنيسة الكاثوليكية، في الحقوق والإمتيازات المدنية.
هوية ابناء كنيسة المشرق
عند تثبيت شمعون سولاقا بطريركًا كاثوليكيًا على كنيسة المشرق (وشمعون هو الإسم الذي اتخذه سولاقا عند رسامته الأسقفية)، جاء لقبه في الوثائق الرومانية هكذا: “بطريرك كنيسة الموصل في آثـور” باعتبار ان الموصل كانت المدينة التي توجّهت منها إلى الحبر الاعظم رسالة المجموعة التي انتخبته بطريركًا، جديداً، ولا شك ان هذا اللقب لا ينطوي بوضوح على أيّ طابع شامل للكنيسة المعنية كما أنه لا يشير بجلاء إلى هويّة الشعب الذي ينتمي إليها، إنما يعكس الطابع المحلي الذي انطلقت منه الرسالة المذكورة، وهذا دليل آخر على ان روما كانت تطلق في مراسيمها نفس التسميات التي كانت تعرض عليها من اصحابها. غير ان الأمور سوف تتطور سريعًا بإتجاه أكثر دقّـة وتحديدًا ما إن تحتك روما إحتكاكًا مباشرًا وشاملاً بأبناء كنيسة المشرق.
إن روما، لكي تضمن تتابع مسيرة الإتحاد مع أبناء كنيسة المشرق، بعثت مع شمعون سولاقا إثنين من مرسليها لتوطيد أُسس التعليم الكاثوليكي في نفوس رعيته، هما امبروزيوس الذي عُيّن سفيرًا بابويًا في بلاد المشرق والأب زهارا الراهب، وعند عودتهما بعد ثلاث سنوات قدّمت الدائرة الرومانية المختصة تقريرًا عن نشاطهما إلى الحبر الأعظم نقدّم ترجمة حرفية عن الأصل اللاتيني لمقطع منه:
“في بلاد ما بين النهرين، آثور وكلدو، حيث مكث (المرسَلان) فترة ثلاث سنوات، واعظين بكلمة اللـه، بيقظة وأتعاب جمّة، تلك الشعوب التي كانت تعتنق خطا نسطوريوس الذي نسبةً إليه دعوا نساطرة، معلّمين ومهذّبين إياهم في نزاهة التعليم الكاثوليكي .. حتى إنهم أضحوا يستنكرون إسم نسطوريوس، ويرغبون في أن يُدعوا كلداناً (عند فوستي، حوليات رهبنة الوعاظ الدومنيكان، المجلد 32 (1925)، 4، ص 1-30). يتّضح إذاً، من جديد في هذا النص كيف أن أبناء كنيسة المشرق هم الذين رغبوا في أن يُدعوا كلدانًا، وليست روما هي التي “انعمت” عليهم بهذا الاسم.
ومع ذلك سينجلي لنا من الوثائق المعاصرة لتلك الحقبة أن أبناء كنيسة المشرق من سكان ما بين النهرين وتخومها، عند إنبثاق وعيهم بهويّتهم الحضارية المتميزة، تأرجحوا بين تسميتين كلتاهما تعبّر، كل من ناحية معينة، عن إنتسابهم التاريخي والقومي أو الجغرافي، وهما تسمية الكلدان والآثوريين، وسوف نرى كيف أن هذا الواقع سوف ينعكس لفترة قرن كامل في الوثائق المزامِنة.
بعد أن استشهد شمعون سولاقا على يد عملاء باشا العمادية سنة 1555، إنتخبت المجموعة الكاثوليكية من رعايا كنيسة المشرق مار عبد يشوع مارون (1555-1567) خليفة له. وندرج هنا مطلع الصيغة الإيمانية التي أبرزها البطريرك الجديد في روما في 7 آذار 1562: “أنا عبد يشوع ابن يوحنا من عائلة مارون من مدينة الجزيرة على نهر دجلة … المنتخَب بطريركًا على مدينة الموصل في آثور الشرقية” (عند جميل، ص 63)، وهنا لا زال عبد يشوع يعكس الطابع المحلي التي تميزت به الحركة الكاثوليكية في بدايتها، غير أن التقرير الذي عرضه الكردينال اموليوس لهيئة الكرادلة في المجمع التريدنتيني في 19 آب سنة 1562 يجتاز هذا الطابع المحلي في لقب البطريرك إلى طابع أكثر شمولاً، إذ يقدّم لهم البطريرك الجديد على النحو التالي: (السيد المحترم عبد يشوع بطريرك الآثوريين المنتخَب من قبل الإكليروس وبموافقة شعبهم” (جميل ص 66).
وفي رسالة رومانية مؤرخة في 1565 يمتزج الإسـمان الكلداني والآثوري في مقطع واحد. فإن البابا ﭙيوس الرابع بعث برسالة إلى رئيس أساقفة كوان في الهند، يوصي بها بالمطران اوراهام الذي أرسله البطريرك عبد يشوع إلى ملبار، يقول: “إلى هذه الأعتاب الرسولية كان قد قدم من الهند هذا الأخ الحبيب اوراهام الكلداني امةً، (مرسـلا) من قبل أخينا عبد يشوع بطريرك الآثوريين” (جميل ص 71).
أمابعد وفاة عبد يشوع فقد خلفه لفترة قصيرة مار يابالاها الذي جلس في سعرد (1578-1580)، ثم شمعون دنحا (1581-1600)، وقد بعث معاونه المطران إيليا هرمز حبيب اسمر إلى روما بتقرير بإسم البطريرك، لا زالت نسـخته محفوظـة في أرشيف الفاتيكان (AA، الخزانة 1-18، رقم 1796، ورقة 1-4) (عند بلترامي، ص 199) هذا مطلعه: “(أنا) مار إيليا رئيس أساقفة آمد في بلاد ما بين النهرين، كلداني من آثور … أعرض بـتواضع كيف ان مار شمعون سولاقا بطريرك أمّته، بعد عودته من روما، توقف في آمد فترة خمسة أشهر فقط ورسم فيها خمسة أساقفة ورؤساء أساقفة ..” وإلخ، وفي ختام التقرير يتوسل مار إيليا أن يعمم قداسة البابا على العالم المسيحي القرار الذي كان أصدره سابقًا، والذي مرّ الحديث عنه، حيث يمنع قداسته أن يطلق أحد على الكلدان المتحدين بروما اسم النساطرة، بل أن يطلق عليهم اسمهم الحقيقي وهو “الكلدان الشرقيون في آثور”.
ومن بين الوثائق المهمة التي تخص موضوعنا التقرير الذي رفعة الى الحبر الأعظم غريغوريوس الثالث عشر مطران صيدا اللاتيني واسمه ليوناردو هابيل، وقد أرسله البابا في مَهَمّة لتقصّي الحقائق في بلاد الشرق وذلك بين 1583-1585 فجاء تقريره غنيًا بالمعلومات عن أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط. وإذ يصل في مقاله إلى الحديث عن كنيسة المشرق يقول (ونحن نترجم هنا عن النص الايطالي): ” كذلك زرت مار شمعون دنحا بطريرك الأمة الكلدانية في آثور…” ثم يتابع التقرير شارحًا: “إن أولئك الذين من الأمة النسطورية يسكنون مدينة آمد وسعرد والبقاع والمدن القريبة، إذ تمرّدوا على بطريركهم، الذي ، حتى ذلك الحين، كان يسكن في دير الربّان هرمـزد قرب مدينة آثور- وهي تسمى اليوم بالموصل- في بلاد بابل، قدّموا الطاعة إلى الكنيسة الرومانية المقدسة على عهد حبرية البابا يوليـوس الثالث عشر الطيب الذكر واستعادوا اسمهم إذ اطلقوا على ذاتهم اسم كلدان آثور الشرقية” (عند جميل، ص 115-116).
لقد اعتقدت روما، بناء على ما عرض عليها في حينه، أن رئيس الدير سولاقا إنما انُتخب لكي يخلف البطريرك شمعون برماما، على أساس ان هذا الأخير قد توفي. ونتيجة لذلك فقد ظنت روما انها أبرمت الإتحاد القانوني مع كنيسة المشرق قاطبة. وإذ ثبت لدى روما لاحقًا ان شمعون برماما كان يومئـذ لا يزال حيًا يرزق فقد وجدت نفسها مام واقع جديد وهو انقسام كنيسة المشرق إلى مجموعتين: “المجموعة النسطورية” التي تترأسها عائلة “أبـونا” البطريركية ومقرها دير الربان هرمزد، والمجوعة الكاثوليكية برئاسة خلفاء سولاقا وقد تحوّل مقرهم من ديار بكر الى سلاماس في إيران ثم إلى قوجانـس في تركيا. وقد حدث في مطلع القرن السابع عشر ان البطريرك النسطوري (وهو عهدئذ مار إيليا الثامن من عائلة أبونا) كان يحاول الإتصال بروما مستطلعا امكانية الوصول معها إلى الإتحاد القانوني. ولذا فقد بعث مار إيليا البطريرك بيد وكيله الاركذياقون آدم تقريراً موجها إلى البابا بولص الخامس ومؤرخا في آذار 1610 (نسخته الاصلية في ارشيف الفاتيكان، مجموعة بورجا، السلسلة 3، المجلد 43، ورقة 109، وما يتبع – عند جميل ص 108-115)، والذي يهمنا هنا من هذا التقرير هو ختامه الذي جاء هكذا: “تمت هذه الرسالة التي كتبت بأمر مار ايليا بطريرك بابل …” وهذا التقرير، حسب علمي، أقدم وثيقة رسمية يعتمد فيها بطريرك المشرق ذاته لقب “بطريرك بابل”، الأمر الذي يشكّل بلا ريبة مرحلة متطورة من الوعي الذاتي والعودة إلى الأصول التاريخية، كما جاءت عند عبد يشوع الصوباوي في تآليفـه عن مجموعة القوانين السنهادوسية، الميمر التاسع؛ وتجدر الاشارة هنا الى ان هذا اللقب إستخدمه اولاً بطريرك المشرق النسطوري ذاته قبل أن يستخدمه البطريرك الكاثوليكي، وقد ورد اولاً في وثيقة بطريركية قبل أن يرد في وثيقة رومانية.
نستخلص من الوثائق التاريخية الوقائع التالية:
- ان الإسم الكلداني هو اسم الشعب القائم حول الشهداء الذين سقطوا بسيف الإضطهاد الشابوري إبان القرن الرابع.
- إن الهويّة المدنية والثقافية للمسيحيين في بلاد النهرين لم يُسمح لها بالتعبير عن ذاتها في ظل حكم الدولة العباسية، إذ أصبحت الهويّة العربية هي المهيمنة فأضحت التسمية الطائفية ’النسطورية واليعقوبية’ هي التي تشير إلى كيانهم ومجمل واقعهم.
- إن سقوط الدولة العباسية، وبزوغ عهد الحكم المغولي ثم العثماني، فسح المجال لتنامي الحس القومي عند المسيحيين. وقد تجسّد هذا الشعور في التسمية الكلدانية كتعبير عن الهويّة القومية بما تعنيه من محتوى ثقافي وتتابع تاريخي.
- إن التسمية الآثورية وردت كذلك لمامًا في غضون القرن السادس عشر إلى جانب التسمية الكلدانية، ولكنها إذ وردت على لسان أصحابها وردت دومًا بمعنى الإشارة الى المنطقة الجغرافية التي انحسرت إليها المسيحية في بلاد النهرين عهدئذٍ.
- إن لقب “بطريرك بابل”، الذي برز منذ القرن الرابع عشر إثر سقوط بغداد وتضعضع أهميتها، عنصر مكمّل لعناصر الهويّة التاريخية والثقافية لمسيحيي بلاد النهرين؛ فقد إندثرت المدائن التي بُنيت لتحتل مكانة بابل، وتضعضعت يومذاك بغداد التي بُنيت لتخلفها كعاصمة للدولة والبلاد؛ فكانت العودة إلى بابل تعبيراً عن الرغبة في الإنشداد إلى مرجعية تاريخية ثابتة.
الهوية الكلدانية في لقب بطريرك المشرق
اذا كان ما مرّ توضيحاً وثائقياً عن الهوية المدنية للشعب الذي تبقى من ابناء كنيسة المشرق في اعقاب العهد المغولي، تُرى ماذا كانت تاثيرات ماجريات الامور إِبّان تلك الحقبة على الرئاسة الكنسية لذلك الشعب، لأنها اجتازت هي ايضاً مع رعاياها تلك الظروف التاريخية وما تضمنته من مضاعفات. ذلك لان الشعب مربوط برئاسته كما ان الرئاسة مربوطة بشعبها، ولن تكتمل صورة البحث عن الهوية المقصودة اذا لم نتتّبع انعكاسات الاحداث بالقاء نظرة وافية الى الجانبين. واساس القضية في هذا الموضوع ان الشطر الانعزالي من كنيسة المشرق، الذي اخذ يتسمّى بعد العقد الثاني من القرن العشرين بالكنيسة الأثورية وكنيسة الأثوريين، واخيراً في العقود الاخيرة كنيسة المشرق الأثورية، يشيّع قراءة للتاريخ تفيد بان الرئاسة القائمة اليوم انما هي متابعة للسلالة المنحدرة من رسل المشرق الاولين مار توما وما ادي ومار ماري، وان لقب “بطريرك المشرق” و”بطريرك الاثوريين” لقب تلك السلالة الاصيل والمتواتر. وتستطرد هذه الاشاعة بالادعاء بان سلسلة بطاركة الكنيسة الكلدانية القائمة اليوم انما هي متابعة لسلالة يوحنان سولاقا الاتحادية الذي اقتبل الرسامة الاسقفية من البابا يوليوس الثالث سنة 1553، وان لقب “بطريرك الكلدان” انما اطلقة البابوات على البطاركة المتحدين مع روما ابتداءً من القرن السادس عشر، فهو لقب دخيل وهو محصور بهم وكنية عنهم. هذا ما تدعيه الاشاعة. وما أَبعدها عن الواقع التاريخي. فالى الوقائع والوثائق. يوحنان سولاقا وسلالته البطريركية ومصيرها
لقد كانت الفترة التي عقبت ابرام الاتحاد القانوني مع روما حقبة صراع حاد بين فريق الراغبين في متابعة مسيرة الاتحاد وفريق الراغبين في المكوث على العزلة الكنسية. وقد سقط يوحنان سولاقا، ممثل الفريق الاول، في 12 كانون الثاني 1555 شهيداً مبكرا للاتحاد الكنسي، اثر التعذيبات التي تجرعها على يد عملاء باشا العمادية نتيجة لتحريضات شمعون برماما البطريرك النسطوري. غير ان المسيرة نحو روما لم تتوقف.
لقد كانت مناطق ديار بكر وسعرد وماردين، في تلك الفترة التاريخية، مركز الحركة الكاثوليكية، بينما كانت الموصل والقرى المجاورة لها مركز التقليد النسطوري، فبعد ان قتل البطريرك يوحنان سولاقا انتخب عبد يشوع مارون مطران الجزيرة خلفا له. فزار روما (1561 – 1562) ثم قفل راجعاً الى ديار بكر حيث دبر شؤون رعيته حتى توفي سنة 1570. وخلفه على كرسي رئاسة المشرق الكاثوليكي مار يابالاها مطران الجزيرة اولاً كمدبر للكرسي ثم كبطريرك سنة ١٥٧٨ ولكنه توفي بعد قليل في سنة 1580، فانتخب خليفة له مطران جيلو وسعرد وسلاماس واتخذ له اسم شمعون التاسع، غير انه عوض ان يستقر في ديار بكر، مركز القوة الكاثوليكية حوّل كرسيه الى دير مار يوحنا قرب سلاماس في ايران حيث كان يتعرض الى ضغط شديد من قبل الفريق التقليدي، وقد توفي سنة 1600 فخلفه شمعون العاشر وجلس هو ايضا في سلاماس حتى توفي سنة 1638. اما خلفاؤه شمعون الحادي عشر (1638 – 1656) وشمعون الثاني عشر (1656-1662) فقد حوّلوا مقر الرئاسة الى اورمية في ايران ايضا.
لقد كان هؤلاء البطاركة خلفاء سولاقا يبعثون الى روما، كل بدوره، صيغ ايمانهم يعلنون فيها عقيدتهم المسيحية بالاصطلاحات الكاثوليكية، ونجد معظمها في ارشيف الفاتيكان، واخرها رسالة البطريرك شمعون الثالث عشر الى البابا كليمنت العاشر سنة 1670، وذلك قبل ان يرتد هذا البطريرك الى الانعزالية الكنسية، وعنوانها: “رسالة مار شمعون بطريرك الكلدان” (عند جميل ص197 – 200). الا انه منذ تحول كرسي الرئاسة الى ايران، مبتعدا عن ديار بكر مركز الحركة الكاثوليكية، فترت تدريجياً حرارة العلاقات بين بطريركية المتحدين الكاثوليك وروما حتى انقطعت الصلة تماما ابان بطريركية شمعون الثالث عشر (1662 – 1700). والجدير بالذكر ان هذا البطريرك نقل كرسيه من خوسروا في ايران الى قوجانس (في جبال تركية)، وقد بقيت هذه البلدة مقرا للرئاسة المنعزلة حتى مطلع القرن العشرين. علما بـأن هؤلاء البطاركة الشمعونيين ارتدوا الى عادة توريث الكرسي، وذلك منذ وفاة البطريرك شمعون التاسع. ومع ان العلاقة انقطعت بين بطاركة هذه السلالة والكرسي الروماني، الاّ ان لقب “بطريرك الكلدان” مكث ثابتاً ومتواصلاً في تواقيعهم واختامهم، كما ثبتت التسمية الكلدانية في مراسلاتهم تعبيراً مميزاً لهوية شعبهم. فهاك اولاً اسماء بطاركة هذه السلالة وتتابعهم حتى عصرنا الحاضر:
سلالة يوحنان سولاقا وتتابعها حتى اليوم
مقره في | |
(1552 – 1555) ديار بكر | ۞ شمعون الثامن (يوحنان سولاقا) |
(1555 – 1570) سعرت | ۞ عبد يشوع الرابع مارون |
(1572 – 1580) سعرت | ۞ يابالاها الرابع شمعون |
(1561 – 1600) سلاماس | ۞ شمعون التاسع دنحا |
(1600 – 1638) سلاماس | ۞ شمعون العاشر |
(1638 – 1656) اورمية | ۞ شمعون الحادي عشر |
(1656 – 1662) اورمية | ۞ شمعون الثاني عشر |
(1662 – 1700) خوسروا ثمقوجانس | ۞ شمعون الثالث عشر دنحا |
(1700 – 1740) قوجانس | ۞ شمعون الرابع عشر سليمان |
(1740 – 1780) قوجانس | ۞ شمعون الخامس عشر مقدسي |
(1780 – 1820) قوجانس | ۞ شمعون السادس عشر يوحنان |
(1820 – 1861) قوجانس | ۞ شمعون السابع عشر ابراهام |
(1861 – 1902) قوجانس | ۞ شمعون الثامن عشر روبيل |
(1902 – 1918) قوجانس | ۞ شمعون التاسع عشر بنيامين |
(1918 – 1920) قوجانس | ۞ شمعون العشرين بولص |
(1920 – 1975) سان فرنسيسكو | ۞ شمعون الحادي والعشرين ابشاي |
(1976 – ) شيكاغو | ۞ دنخا الرابع (او الثالث) |
قطع الوصال مع روما بعد 1670
وهاك الان نماذج من الوثائق الثبوتية، مستمدة من المراسلات المحفوظة في آرشيف قصر لامبث مقر رئيس اساقفة كنتربري في لندن:
1- صورة من الرسالة التي بعثها المطروﭙـوليط النسطوري ماريوسـﭖ الى سيدة انكليزية كريمة اسمها وورن، بتاريخ 31 آذار 1879. فلاحظ كيف يعّرف هذا الاسقف بنفسه وبشعبه: ” مار يوسف ميطروبوليط الكلدان النساطرة المشرقيين” وانظر ختمه الرسمي: “محيلا يوسـﭖ ميطراﭙوليطا دكلدايي”.
2 – صورة من الرسالة التي كتبها وبعثها الى ادور، رئيس اساقفة كنتربري، في تشرين الاول سنة1884، البطريرك روبيل شمعون الذي يعّرف نفسه بهذه الكلمات: “من روبيل (روول) شمعون بنعمة الله بطريرك جاثاليق المشرق، مدبر كنيسة الكلدان العريقة”. وتأمل في نص المقطع الاخير من رسالته: “فيكون (عونكم) سبباً لاتحاد اجزاء الكنيسة الكلدانية الاربعة …” مع ختمه: ” محيلا شمعون ﭙـاطريركا دكلدايي”.
3- صورة من الرسالة الاصلية التي كتبها آخر رهبان النساطرة “ربَّـن يونان” وبعثها الى رئيس اساقفة كنتربري ادور، وذلك بتاريخ 8 تشرين اول كلداني (كذا في النص الآرامي)، سنة 1884 – لاحظ في السطر 21-22 منها ما يقول: “اننا نمنح هذا السلام (سلام المسيح) لكل من يقبل سلامنا، نحن النساطرة الكلدان المشرقيين …”
4- رسالة الميطروبوليط خنانيشوع الى ابناء كنيسة المشرق في ابرشية اورمية وربوع كردستان، كتبها سنة 1895 ووثّقها بختمه المألوف الذي يُقرأ: “محيلا خنانيشوع ميطراﭙوليطا دكلدايي”.
5- رسالة ثانية للمطروبوليط خنانيشوع كتبها في 13 أيلول سنة 1906، وصادق عليها بالختم ذاته قرب عنوان الرسالة: “محيلا خنا نيشوع ميطراﭙوليطا دكلدايي”.
اضف على ذلك:
6- الختم المألوف للبطريرك مار شمعون ايشاي، آخر البطاركة “الشمعونيين”، ونقرأ فيه لقبه الرسمي: “محيلا شمعون باطريركا دكلدايي”.
7- ختام رسالة كتبها مار شمعون ايشاي البطريرك من نيقوسيا في قبرص، في العشرين من أيلول سنة 1933، ولا يزال يستخدم فيها الختم الذي يعلن عن لقبه الرسمي: “محيلا شمعون باطريركا دكلدايي”- ولاحظ كيف انه يوقع بالآرامية: ايشاي شمعون بنعمة اللـه جاثاليق بطريرك المشرق- وقارن كل ذلك بما كُتِبَ له من لقبٍ جديد بالانكليزية: “بنعمة اللـه جاثاليق بطريرك الآثوريين”!
الوثيقة رقم 1
الوثيقة رقم 2
الوثيقة رقم 3
الوثيقة رقم 4
الوثيقة رقم 5
الوثيقة رقم 6
الوثيقة رقم 7
سلالة بطاركة المشرق الاصلية
وخلال هذه الفترة نفسها – واقصد منذ سنة 1553 وهي سنة ابرام الاتحاد وما بعدها حتى سنة1830 – بينما كان البطاركة حملة اسم “مار شمعون” يتابعون خلافة يوحنان سولاقا الكاثوليكي، كانت عائلة “ابونا” تتابع في دير الربان هرمزد سلسلة بطاركة كرسي المشرق الاصلية ومعظمهم يحملون في هذه الفترة اسم “مار ايليا”، ولا زالت انصابهم المنقورة محفوظة في مقبرة البطاركة الى جانب صومعة الربان هرمزد، وعددها تسعة انصاب اولها قبر شمعون الرابع باصيدي (1437 – 1497) واخرها قبر ايليا الثاني عشر (1778 – 1804)، وهي خير شاهد على هوية هؤلاء الجثـالقـة وموقعهم من تاريخ كنيسة المشرق (انظر نصوص الانصاب عند كوركيس عواد، اثر قديم (ص 33-41)، حتى اعترفت روما سنة 1830 بمار يوحنان هرمز، آخر بطاركة العائلة الابوية – ومنه تتابعت متحدة مع الكرسي الروماني سلسلة بطاركة بابل للكلدان حتى يومنا هذا.